حصريا -ولأول مرة- تحميل نسخة إلكترونية من رواية [ زوار السفارات ] و [ أميرة2 ]

حالي منصوب .. مضاف إليه مجرور .. ؟؟


يحدث أن تأخذك السنين بعيدا عن وجوه ألفتها، وعن أشخاص أحببتهم بصدق وأحبوك، شاركتهم أياما من حياتك امتزج فيها الحلو والمر، الشدة والرخاء؛ ثم تجمعك بهم الأقدار بعد حين فتجد من كانت بالأمس فتاة امرأة متزوجة أو أما، تظهر على بعضهم آثار الزمن لكثرة الهموم والمشاكل والأزمات، ويبقى بعضهم في نضارته وحيويته المعهودة علامات السعادة بادية عليه. 
منذ مدة، التقيت إحدى الصديقات ودار بيننا حديث طريف أحببت أن أشرككم فيه، لكن لا أود أن يصرفكم طابعه الطريف عن جوهر ما تعانيه فئة كبيرة من النساء. 
سألت صديقتي بعد التحية والسلام: كيف حالك؟ 
أجابت دون تردد: حالي منصوب. 
تبسمت وقلت: ما عن حال النحو أسألك، بل عن حالك في حياتك الزوجية. 
بعد زفرة حارة أجابت: وحالي نصب وتعب وألم... 
قلت متفاعلة مع نبرتها الحزينة: أخبريني ما مشكلتك؟ 
قالت غاضبة: مشكلتي أنني مضاف إليه مجرور. 
نظرت إليها باستغراب وعقبت: عدنا لألغاز النحو؟ 
ردت علي بجد: ما هذه بالألغاز بل واقع مرير أعيشه، الأمر والنهي فيه للزوج وأهله، وأنا لا محل لي من الإعراب حيث لا رأي لي ولا مشورة، لا أحد يلتفت إلي أو يهتم بي، مكسورة الجناح، خادمة من غير أجر.
تأثرت بمعاناتها وأردت مواساتها فبادرتها قائلة: احتسبي الأجر عند الله واصبري. 
ردت بتأن: إلى متى؟ 
قلت : ماذا تقصدين؟ 
أجابت على الفور: أقصد أن عهد وزمن الحال المنصوب، والمضاف إليه المجرور ولى وقد قررت أن أكون فاعلا مرفوعا. 
اندهشت لتعبيرها وقبل أن أتفوه بكلمة تابعت قائلة: سأرتفع بكرامتي ولن أعطي الدنية من نفسي، سأفعل كل ما بوسعي لتوضيح حقي في أن أكون محترمة ومقدرة، نعم سأجادل بالحسنى، وسأدفع بالتي هي أحسن، لكن لن أقبل بعد اليوم أن أبقى نكرة. 
بدت مصرة على هذا التغيير، ولأرى إن كانت قد قدرت عواقب قرارها سألتها: ماذا لو رفض الجميع الاستماع إليك وقبول كلامك؟ 
ردت واثقة: سأقبل أن أكون مجردة من زواج بغيض على مزيد من التجريح أبغض منه وأقبح. 
قلت: هكذا ببساطة تتخلين عن أحلامك في السكينة. 
وكمن وجد مفتاح الحل قاطعتني قائلة: لكن يا عزيزتي السكينة من السكون، والسكون منه الحي والميت، وأنا أكره السكون الذي تموت فيه المشاعر والأحاسيس، وتحتضر فيه معاني المودة والرحمة. 
فكرت مليا ثم نصحتها بعدم التسرع والتعجل وأخذ وقت كاف للحوار مع زوجها عسى أن تجد لمشكلها حلا. 
لكن وقبل أن نفترق سألتني: ماذا لو حدتثني عن بدل؟ 
أجبت مبتسمة: وما البدل الذي تعنيه؟ 
ردت: لا لا ليس بدل النحو أقصد، بل أود أن تحدثيني بدل هذا النزيف من المشاكل عن أجواء الإيمان التي لطالما كانت محور أحاديثنا عندما كنا طالبات. 
قلت: سأحدثك عنها أكيد لكن ليس بزمن الماضي، بل بزمن المستقبل رمز الأمل والتفاؤل. 
عادت إليها البسمة وقالت: يبدو أن عدوى النحو قد امتدت إليك. 
قلت ضاحكة: مرحى بعدوى تصيبني منك أيتها الأترجة.

0 التعليقات: